وفاة الشيخ أبو إسحاق الحويني

الشيخ أبو إسحاق الحويني، واسمه الكامل حجازي محمد يوسف شريف، هو عالم ومحدّث مصري بارز، يُعد من أبرز شيوخ السلفية العلمية في مصر. وُلد في 10 يونيو 1956 بقرية حوين التابعة لمركز بيلا بمحافظة كفر الشيخ، ومن هنا جاء لقبه “الحويني”. توفي في 17 مارس 2025، حسب ما أعلن نجله حاتم الحويني، بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز 69 عامًا.

نشأته وتعليمه:


نشأ الشيخ في بيئة ريفية متواضعة، في أسرة متوسطة الحال تعمل بالزراعة. أظهر منذ صغره شغفًا بالعلم الشرعي والأدب العربي، حيث كان قارئًا نهمًا لأعمال أدبية كلاسيكية مثل كتب مصطفى لطفي المنفلوطي والرافعي. بدأ تعليمه الأولي في قريته، ثم أكمل المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في كفر الشيخ. بعد الثانوية، انتقل إلى القاهرة للعيش مع شقيقه، وهناك بدأ رحلته الدينية مع الشيخ عبد الحميد كشك. التحق بكلية الألسن بجامعة عين شمس، ودرس اللغة الإسبانية، وتخرج بتقدير امتياز. أُرسل في بعثة إلى إسبانيا، لكنه عاد بعد شهرين بسبب عدم ارتياحه للمخالفات الشرعية هناك، ومنذ ذلك الحين أطلق لحيته وبدأ التركيز على العلم الشرعي.

مسيرته العلمية والدعوية:


تتلمذ الحويني على يد عدد من العلماء الكبار، أبرزهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الذي كان له تأثير كبير على منهجه في علم الحديث. كما تأثر بمشايخ مثل عبد الله بن جبرين، ومحمد نجيب المطيعي الذي علمه أصول الفقه وصحيح البخاري، وعبد الفتاح الجزار الذي درّسه اللغة العربية. تميز الشيخ بأسلوبه القوي في الخطابة وتركيزه على الدليل من الكتاب والسنة، مما جعله رمزًا في السلفية العلمية التي تهتم بتدريس الحديث والتفسير بعيدًا عن السياسة المباشرة.

ألقى الحويني دروسًا ومحاضرات في مساجد عديدة بمصر، أبرزها مسجد شيخ الإسلام في مسقط رأسه، حيث كان يخطب جمعتين شهريًا. مع ظهور القنوات الفضائية الدينية، أصبح ضيفًا دائمًا في قنوات مثل “الناس” (برنامج “فضفضة”)، “الرحمة”، و”الندى” التي أشرف عليها، مركزًا على تفسير الأحاديث وقضايا العقيدة.

مؤلفاته:


كرّس الشيخ حياته للتصنيف والتأليف وتحقيق المخطوطات، ومن أبرز مؤلفاته:
– **”غوث المكدود في تخريج منتقى ابن الجارود”**: أثنى عليه الألباني ووصفه بـ”القيم”.
– **”النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة”**: طبع في جزأين.
– **”كشف المخبوء بثبوت حديث التسمية عند الوضوء”**.
– **”نهي الصحبة عن النزول بالركبة”**.
– **تحقيقات**: مثل “الأربعون الصغرى” للبيهقي، و”البعث” لعبد الله بن أبي داود.

تأثيره وثناء العلماء:


أثنى عليه كبار العلماء، فقال الألباني: “صَحَّ لك ما لم يصحَّ لغيرك”، ووصفه عبد العزيز الراجحي بـ”محدث مصر”، بينما قال مشهور حسن آل سلمان إنه من “الراسخين في الحديث”، وأشاد به محمد حسين يعقوب بقوله: “ما أحرق أهل البدع إذا سمعوا اسمك”. كان له تأثير كبير على طلاب العلم والعامة على حد سواء، بفضل علمه الغزير وأسلوبه المبسط.

### أواخر حياته:
في السنوات الأخيرة، عانى الشيخ من أزمات صحية متكررة، منها جلطة دماغية أصيب بها في قطر، أدت إلى نقله للمستشفى في حالة حرجة. توفي في 17 مارس 2025، وهو يوم 17 رمضان 1446 هـ، تاركًا إرثًا علميًا ودعويًا كبيرًا في العالم الإسلامي.

خاتمة:


كان الشيخ أبو إسحاق الحويني رمزًا للدعوة السلفية العلمية، متميزًا بهمته العالية في نشر السنة وتحقيق الأحاديث، مما جعل دعوته تطوف مصر وتصل إلى بلاد أخرى، مخلفًا أثرًا عميقًا في الأوساط الدينية.

شارك المقال مع أصدقائك:
Facebook
Threads
X
WhatsApp
Telegram

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *